Categories
Actualités Associations, Société Civile

على فراش الاحتضار، لا ينام خضر عدنان، ينام ضمير العرب

خضر عدنان الأخضر

الذي يلي مقتطف من مدونة جوعان.

 

خضر سلامة

ولكن، هو وحده خضر

خضر عدنان

اسمي ليس لي.. أخجل أن أقول ذلك، هو اسمه وحده لا شريك له، أما نحن، فأسماء بلا ألوان، بلا أشكال، بلا أوزان شعرية، بلا إضاءة. اسمه اليوم يملك اللون والشكل والشعر والضوء في عصرنا الساقط أخلاقياً… لا تسامحنا خضر عدنان، نحن أعجز من أن نكون أكثر من مشاهدين، أعجز من أن نهتم ونثار وطنياً لأكثر من ما يمن به علينا أمراء الغبار في علب ليلهم الاعلامي.

ان تكون أخضراً في هذا اليباس العربي الكبير الذي يخنق النشيد الوطني في عصر التراجع عن الخنادق إلى الشاشات، أن تكون أخضراً وثمة جفاف فكري عظيم تبشرنا به خناجر القبائل المتحاربة تكفيراً وتخويناً وترهيباً، أن تكون أخضراً، هو فن لا يتقنه إلا رجلٌ بقامة خضر عدنان، أما نحن، فلقطة من فيلم قديم، ملّ الجمهور من البكاء في آخره، كلما مات البطل.

الأبطال لا يلتفت إليهم أحدٌ في بلادي، يُشتمون لأنهم رفضوا الذل الأسرائيلي والمال الخليجي، فصاروا مرآةً معاكسةً لاستسلامنا اليومي وتسليمنا بقضاء الله وقدر أمريكا، الأبطال لا يلتفت إليهم أحدٌ في بلادي، لا يتصارع أبطال الفيسبوك على قضيتهم، لا يتعلق الجمهور المسعور على الشاشة بانتظار مقابلةً معهم مباشرةً من فندق فاخر في باريس، الأبطال في بلادي لا يرجو المعجبون قراءة مقالة جديدة لهم في جرائد آل سعود. الأبطال لا يلتفت إليهم أحدٌ، قضيتهم أصبحت لقمةً ممضوغة لا ترضي أسنان محاربي طواحين الهواء، لم تعد فلسطين على مقاس أحد، قصقصتها الفصائل والحسابات كلٌ على مقاسها.

ماذا يفعل خضر عدنان كي يقنعكم بموته اليومي؟ أتهمتموه بالعنف يوم رفع سلاحه وقاتل، واعدمتموه بالصمت يوم اختار الجوع سلاحاً لا عنفياً. كيف يتخلص من أعذاركم التي لا تنتهي، ماذا أقول في أمة تتحجج بحرّ الشمس في النهار، وبالعتمة في الليل كي لا تخرج إلى النور.

على فراش الاحتضار، لا ينام خضر عدنان، ينام ضمير العرب وأنظمة العرب، وجمعيات حقوق العرب وأحزاب العرب، وعلى الفراش ينام الموت بجسد طفلة، وأدها الجميع قبل سنين حية، وأخفوا اسمها عن شاهد القبر، كي لا يذكر أحدكم فلسطين.

خضر عدنان ليس زعيما طائفيا، خضر عدنان ليس مطرباً اجنبياً، خضر عدنان ليس سفيراً اميركياً، خضر عدنان ليس منظمة مجتمع مدني فاسدة، خضر عدنان ليس شاهد عيانٍ مواظب في الجزيرة، خضر عدنان ليس شيخاً يهتم بما بين أفخاذ العرب، خضر عدنان ليس متعرًّ أمام كاميرا، خضر عدنان ليس فيلماً ممنوعاً، ليس كتاباً مفقوداً، ليس حضارةً استهلاكية خرقاء. خضر عدنان هو آخر حقيقة في مشهد عربي رمادي مليء بالكذب.

خضر عدنان حقيقة، وكل أيقوناتكم الثورية بدون اسمه، كذب.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *